الأحد، 10 مارس 2013

الجن والإنس

الجن والإنس

مفهوم الجن والإنس في قول الله تعالى:(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)(٥٦)الذاريات

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له,وأشهد أن محمداً عبده ورسوله    أما بعد:
فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى:(الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ 
هُمْ أُولُوا الْأَلْبَابِ)(۱۸) الزمر

فطوبى لِمَن سَمِع وَقرأ وتدبَّر وتفكَّر فَعقِل وأتَّبع أحسَن القول .

مقدمة:
نسمع عن الجن أنهم خُلقوا من نار ,لهم قدرات خارقة ونفوذ,أقوياء,لا أحد يستطيع رؤيتهم,ويعيشون في أماكن قذرة وفي دورات المياه,طعامهم العظام وماشابه,يتنقلون كلمح البصر فوق الأرض,كما نسمع أنهم يستطيعون الوصول إلى السماء فيُقذفون بالشهب,وأن لديهم القدرة على أن يدخلوا في اجساد الناس فيؤثروا عليهم ويؤذوهم,ولكن نسمع في المقابل أن هناك بعض الناس لهم بالمرصاد يستطيعون إخراج ( الجن) ممن دخلوا بهم وهذا شئ عجيب!!إن كلمة جن لوحدها أصلاً تُرعب الكثير وخاصة في الليالي المظلمة وعند دخول الأماكن المهجورة والخلاء.
فنقول عموماً ان الجن وُصفُوا بأرذل الأوصاف.
ونسمع عن الإنس أنهم خُلقوا من ماء وتراب وطين ونطفة وانهم هم الناس وقد خُلقوا  في أحسن تقويم يعيشون في بيوت ومساكن وقصور,طعامهم ممّا لذّ وطاب,يتنقلون بأرقى أنواع المواصلات,يتواصلون فيما بينهم,ونسمع أيضاً وهذا مهم في موضوعنا أن بعض الناس يُطلقون كلمة جن وكلمة عفريت وكلمة شيطان على بعضهم البعض فيقال "هذا جني ,وهذا عفريت , وهذا شيطان " 
فنقول عموماً أن الإنس وصفوا بأحسن الأوصاف.
وكما نعرف أننا في القرن الواحد والعشرين وقد وصل العلم إلى ماقد وصل إليه فصعد الإنسان إلى الفضاء واكتشف ما أكتشف ونزل إلى قاع المحيطات وعرف ماتحت الأرض,وأصبح هذا العالم قرية صغيرة فيستطيع الإنسان من خلال التقنية الحديثة وعبر الإنترنت أن يرى ويسمع كل شيء في هذا العالم,فلو أراد الإنسان أن يبحث عن الجن في كل دول العالم لما وجدهم إلا عندنا يسرحون ويمرحون وكأنهم أخذوا من بلاد المسلمين موطناً لهم.

بدايةً نستعين بالله العلي العظيم ونتوكل عليه وهو رب العرش العظيم ونصلي على رسولنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم
فاللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ,اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

أريد أن أؤكد أن ما نحن بصدده في هذا الموضوع هو معرفة من هم (الجن والإنس) في قول الله تعالى:(
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)(٥٦)الذاريات              حتى لا يكون هناك إلتباس في الفهم. 


لقد اخترت طريقة سهلة (وهي التدرّج) في طرح هذا الموضوع لتصل المعلومة واضحة للقاريء بحيث يكون الموضوع متسلسلاً .. فأقول :
ماخلق الله سبحانه وتعالى(الجن والإنس) إلا ليعبدوه,فلابد وأن أرسل الله إليهم الرُّسُل مبشرين ومنذرين ولئلا يكون لهم حجة على الله بعد الرُّسُل,فلو عرفنا من هم رُسُل رب العالمين ومن أين يختارهم الله سبحانه وتعالى ولمن يُرسلهم لَسهُل علينا معرفة من هم الجن والإنس.


لقد بين الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم من أين يختار رُسله
قال تعالى:(اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصيرٌ)(٧٥)الحج 
فإذا عرفنا أن رُسُل رب العالمين من الملائكة ومن الناس وأن من في الأرض هم المكلفون بالعبادة. فهل يرسل الله سبحانه وتعالى إليهم رسلاً من الملائكة أم رُسلاً من الناس؟

فلنستمع إلى ماقاله الله سبحانه وتعالى في كتابه:
قال تعالى:(قُل لَّوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَّسُولًا )(٩٥) الإسراء

ولكن نعرف أن الملائكة تتنزَّل على العباد. 
قال تعالى(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠)نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) (٣١)فصلت
قال تعالى:(وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ ))الأنعام 
 قال تعالى:(وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ)(٩)الأنعام


فإذا أراد الله سبحانه وتعالى أن يرسل الى قوم رسول (قوم يعيشون في الأرض) فإنه يصطفي منهم رجلاً فيرسله اليهم لينذرهم...
قال تعالى:(أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)(٦٣)الأعراف 

فإذا كان الرسول المرسل للعباد رجُلاً ومن نفس القوم المُرسل إليهم فلابد وأن يكون الرسول  والقوم المرسل اليهم جميعاً من نفس الجنس(الخلق) فجميع من أرسلهم الله سبحانه وتعالى من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم هم رجال من أهل القرى يوحي إليهم الله سبحانه وتعالى.

قال تعالى:(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ ۗ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۗ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَوْا ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)(١٠٩)يوسف

ولنزداد معرفة بهؤلاء الرجال الذين أرسلهم الله... هل هم فعلاً بشر,وأن الله أختارهم  من نفس أقوامهم,وبلغتهم؟  
(رَجُل في اللغة العربية تعني:الذكر البالغ من البشر)
قال تعالى:(وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ)(٥١)الشورى

قال تعالى:(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ۖ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(٤)ابراهيم

قال تعالى:(
لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)(١٦٤) ال عمران 

قال تعالى:(أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ ۗ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا)(٩٣)الإسراء

قال تعال:(قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)(١١٠)الكهف

 قال تعالى:(قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ قَالُوا إِنْ أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ(١٠)قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)(١١)ابراهيم 

قال تعالى :(أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٥)ذَٰلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوا ۚ وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ ۚ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)(٦)التغابن 

قال تعالى:(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)(٢)الجمعة

ومن قصص الأنبياء في القرآن الكريم ايضاً يتضح لنا أن جميع رُسُل رب العالمين لم يكونوا إلا بشراً فعلى سبيل المثال:
قال تعالى على لسان قوم صالح :(مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)(١٥٤) الشعراء

قال تعالى على لسان قوم شعيب :( وَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ)(١٨٦)الشعراء

وبعد أن عرفنا أن جميع الرسل هم بشر وأن أقوامهم أيضاً بشر فهل المكلفون بالعبادة في قول الله تعالى(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)(٥٦)الذاريات. هم بشرأيضاً ؟
أقصد هل المكلفون بالعبادة (الجن والإنس) هم الناس ؟ 
للجواب على هذا السؤال تعالوا معاً لنتدبر الآيات التالية من القرآن الكريم:
قال تعالى:(كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)(٢١٣)البقره

قال تعالى:(مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ۚوَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا )(٧٩)النساء

قال تعالى:(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)(١٥٨) الأعراف

قال تعالى:(
وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا)(١٠٦)الاسراء

قال تعالى:
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (١٠٧)الأنبياء

قال تعالى:(وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ
)(٩٩) يونس

قال تعالى:
(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ)(٤٩)الحج


قال تعالى:(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ
 لَا يَعْلَمُونَ )(٢٨)سبأ
 إن الله سبحانه وتعالى بعث النبيين وهم بشر للناس مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بينهم فيما أختلفوا فيه فكان كل نبي يُرسله الله إلى قومه لابد وأن يكون منهم وهو رجل, بشر, ومن الناس.فجميع الرسالات كانت خاصة وكانت رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم هي الرسالة العامة فهو رسول جميع الأمم فلو تدبرنا الآيات السابقة لتبين لنا أنها تدل على الحصر أي أن الله عز وجل لم يرسل الرسول صلى الله عليه وسلم إلا للناس فقط .
فلا يسعنا إلا أن نقول أن الناس هم (الجن والإنس)وهم من في الأرض وهم المكلفون بالعبادة.

قد يسأل سائلٌ فيقول قد يكون هناك رسل للجن غير رسل الإنس ويستشهد بقول الله تعالى:(وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا(١٦٤)النساء
فنقول له أن جميع الرسل الذين قصصهم الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم من قبلُ والذين لم يقصصهم  عليه لم يكونوا إلا بشراً ولم يرسلهم رب العالمين إلا إلى الناس فَنُذكِّره بالآية التي تلي الآية التي استشهد بها مباشرة:
قالى تعالى:(رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)(١٦٥)النساء

فـ(رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ) تعني جميع الرسل الذين قصصهم الله على رسوله صلى الله عليه وسلم من قبلُ والذين لم يقصصهم عليه وهم مبشرين ومنذرين للناس فقط وأكرر للناس فقط لئلا يكون لهم على الله حجة بعد الرسل .

تعالوا معاً لنتدبر
 أول آية في القرآن الكريم يأمر الله عزوجل فيها الناس بالعبادة أي بمعنى آخر يأمر الله عز وجل فيها من خلقهم ليعبدوه.

قال تعالى
:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(٢١)البقرة
فقول الله تعالى(والذين من قبلكم) تدل على نفس الجنس(الخلق)فهم من الناس أي أن الله أمر الناس بأن يعبدوه فهو الذي خلقهم وخلق الذين من قبلهم من الناس فلا يوجد خلقٌ مكلّفٌ بالعبادة في الأرض غيرهم. 

وكما نعرف جميعاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم أُرسل إلى(الجن والإنس)
فتعالوا معاً نسمع قول الله تعالى:
قال تعالى:(أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ ۗ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ)(٢)يونس

قال تعالى:(وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)(٩٩) يونس 
فالعباد جميعاً (إنسهم وجنهم) هم من في الأرض وهم البشر وهم بنو آدم وهم الناس.

قد يقول البعض أن هذا الطرح السابق كُلّه لا يوافق ماجاء في بعض كتب السلف ولا يوافق ايضاً ما يُقال عن الجن من قصص وروايات ... (فيرفضوه أو أنّهم لا يؤمنون به) فأقول هذا مبلغ علمهم وهذا شأنهم.
ولكن نُذكِّرهم أولاً بقول الله تعالى(تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ)(٦) الجاثية


ولندعم طرحنا السابق سوف نأتي ببعض الأدلّة لمن أراد مزيداً من التوضيح بأن(الجن والإنس) هم الناس. 

الدليل الأول:
في سورة الأحقاف :
قال تعالى:(وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا ۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ(٢٩)قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ (٣٠)يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ(٣١)وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءُ ۚ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) (٣٢) الأحقاف
وفي سورة الجن :
قال تعالى على لسان الجن:(وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَ ۖ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا(١١)وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا (١٢) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَىٰ آمَنَّا بِهِ ۖ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (١٣) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ ۖ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَٰئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (١٤) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا)(١٥)الجن

فكلمة (نفـر)تعني في اللغة:جماعة(من ٣-١٠ من الرجال) وقد بيَّنا معنى كلمة رجل سابقاً فنقول أن ( نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ) تعني جماعة من الناس لهم صفات الجن,سواءً كانوا من الغرباء أو من السادة والكبراء.

فمن الآيات السابقة في سورة الأحقاف وسورة الجن  يتضح لنا أن الجن قد استمعوا الى القرآن الكريم فذهبوا الى أقوامهم منذرين قائلين ياقومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ...فآمن منهم من آمن... فمنهم الصالحون ومنهم المسلمون ومنهم القاسطون.
فمن آمن من الجن لابد وأن آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره....ربّهم الله وحده لاشريك له ورسولهم محمد صلى الله عليه وسلم وهو خاتم النبيين وكتابهم القرآن الكريم وهو آخر الكتب والشرائع . 
فلو لاحظنا في القرآن الكريم لرأينا أن الخطاب موجه في العموم للناس فإذا كان الإعتقاد السَّائد(والخاطئ) بأنَّ الناس هم(الإنس) وأنّ (الجن) هم خلق آخر,... أفلا يكون للجن حظٌ ونصيب في القرآن الكريم؟
فالجن مكلفون بالعبادة ... يصلّون ويصومون ويحجّون ........إلخ من العبادات...تَـخيّلوا كيف يقوم (الجن) بأداء كل هذه العبادات؟ 
فمثلاً الوضوء للصلاة: لابد وأن للجن أيدي ووجوه ورؤوس وأرجل,وكما بين لنا الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم أنّ للجن أعين وقلوب وآذان...فمن يملك كل هذه الأعضاء ألا يكون إنساناً؟

ومثلاً فريضة الحج: الإحرام -التحلل من الإحرام سواء بحلق أو قص شعر الرأس-ذبح الأضاحي والهدي...إلخ
فتخيَّلوا باقي جميع العبادات لتعلموا أنه لا يستطيع القيام بها إلا البشر.

الدليل الثاني:
في سورة الرحمن قال تعالى:(الرَّحْمَٰنُ(١)عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢)خَلَقَ الْإِنسَانَ (٣)عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (٤)الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (٥) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (٦) وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (٧)أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (٨) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (٩)وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (١٠) فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (١١) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (١٢)فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)(١٣)الرحمن 

وفي سورة الرحمن أيضاً قال تعالى:(يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ(٣٣)فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)(٣٤)الرحمن.

نلاحظ في الآيات السابقة من سورة الرحمن ان الله عز وجل وجَّه خطابه (للإنسان) بقوله تعالى:(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)(١٣)الرحمن
ونلاحظ ايضاً في سورة الرحمن ان الله عز وجل وجَّه خطابه لـ(الجن والإنس) بقوله تعالى:فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)(٣٤)الرحمن
فإذا كان (الانسان) صنفان ....و(الجن والإنس)أيضاً صنفان 
فما عسانا ان نقول إلا أن (الجن والإنس) هما صفتان لإسم...هذا الإسم هو الإنسان.
فمن الناس من لهم صفة الجن ومن الناس من لهم صفة الإنس
فإذا رجعنا إلى اللغة العربية لاتضح الأمر جلياً
فكلمة جن وإنس في معاجم اللغة تعني:
جن في اللغة: جنّ الشيء يجنّه جنّاً "ستره"وكل شيء سُتر عنك فقد جنّ عنك.
ومنه سمي الجنين جنيناً لاستتاره في بطن أمه.
 وجنّ الليل وجُنونَه وجِنانه شِدّة ظَلمته.
جُنَّ: ذهب عقله. 
وجُنُّ الشباب:عنفوانه.
والجنَّه :البستان أو الحديقة ذات النخل والأشجار لا يُرى مابداخلها.
وسُمِّيَ الجِنُّ جِنّاً لأَنَّهم مَجْنُونونَ عن رُؤْيَة النّاس أَي مُتَوارُونَ
فكلمة الجن :هي صفة لمن طبعه حب التستر والتخفي أو التواري عن الناس كالسادة والكبراء والذين لهم سلطة ونفوذ كذلك تُطلق على الغرباء,وهي صفة لإسم هذا الإسم هو الإنسان.

إنس في اللغة: أنس به وإليه ـِ أُنْساً: سكن إليه وذهبت به وحْشَتُه. يُقال: لي بفُلان أُنْس وأَنَسَة. وـ فَرِحَ.أَنِسَ به وإليه ، فهو أَنِيس.
آنَسَ فلاناً إينَاساً: لاطفه وأَزال وَحْشَتَه.
فكلمة الإنس :هي صفة للإنسان العادي وهي صفة لإسم هذا الإسم هو الإنسان.

الدليل الثالث:
قال تعالى:(يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ)(١٣٠)الانعام
(ولو رجعنا الى اللغة العربية لعرفنا ان معنى كلمة معشر تعني:كل جماعة من البشر أمرهم واحد)
في الآية السابقة نرى أن الخطاب موجه إلى الجن والإنس قال الله تعالى(أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ) أي ألم يأتكم رسلٌ من جنسكم ومن قومكم وبلغتكم.فجميع الرسل هم بشر أرسلهم الله إلى أقوامهم الذين هم بشرأيضاً .

الدليل الرابع:
قال تعالى:(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ )(١٧٩)الاعراف
وقال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )(٦)التحريم

فإذا كان وقود النار(الناس والحجاره) وأن الله سبحانه وتعالى ذرأ لجهنم كثيراً من الجن والإنس فمن هم الجن والإنس ياتُرى إن لم يكونوا هم الناس ؟ 

الدليل الخامس:
 قال تعالى:(قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا)(٨٨)الإسراء
قال تعالى:(يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ)(٣٣)الرحمن 
كيف يكون(الإعجاز)لطرفين لا يستطيع أحدهما رؤية الآخر أو التواصل معه ولكن لإيماننا بما جاء في القرآن الكريم وإيماننا بأن الإعجاز قائم فهذا يدل على أن (الجن والإنس)لهم القدرة على التواصل مع بعضهم البعض ورؤية بعضهم البعض وأنهم من نفس الخلق (من نفس الجنس) كتابهم واحد  وهم من في الأرض .

الدليل السادس:
 قال تعالى:(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الْإِنسِ ۖ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الْإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا ۚ قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ )(١٢٨) الأنعام
كيف أستكثر الجن من الإنس وأصبح لهم أولياء من الإنس وكيف أستمتع الجن والإنس ببعضهم البعض ؟ إلا أن يكونوا بالتأكيد لهم القدرة على التواصل والتعاون والعيش مع بعضهم البعض.
ونؤكد كلامنا أيضاً بآيات من القرآن الكريم:
قال تعالى :(قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ فِي النَّارِ ۖ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا ۖ حَتَّىٰ إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَٰؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ ۖ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَٰكِن لَّا تَعْلَمُونَ)(٣٨)الأعراف
كيف قالوا(ربَّنا هؤلاء اضلُّونا فأتهم عذابا ضعفاً من النار)فهم بالتأكيد يعرفونهم.
قال تعالى:(وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا)(٦)الجن
كيف يعوذ رجال من الإنس برجال من الجن (وأقول رجال والرجال هم بشر ) إلا إذا كانوا من نفس الخلق (الناس).
قال تعالى:(يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا(٦٦)وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (٦٧) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا)(٦٨) الاحزاب 
فالسادة والكبراء في الآية السابقة هم من الناس لهم صفة الجن لأن من طبعهم التخفي وعدم الإختلاط بالناس العاديين,وهم ذو قوة ومال وسلطه.

الدليل السابع:
 قال تعالى:(وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِين ۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًاوَنَصِيرًا)(٣١)الفرقان
قال تعالى:(وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ)(١١٢)الانعام 
يتبين لنا من الآيات السابقه أن الله سبحانه وتعالى جعل لكل نبي عدواً من المجرمين وهؤلاء الأعداء هم شياطين الإنس والجن وهم من الناس...لماذا؟
لأنهم يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً. أي يتكلَّمون مع بعضهم خفية بما يضر الآخرين .

الدليل الثامن:
لنتعرف على (جنود سليمان عليه السلام من الجن والإنس)
قال تعالى:(وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ۖ وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ(١٥) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (١٦) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ )(١٧)النمل

قال تعالى:(قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣٨) قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ(٣٩)قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ )(٤٠)النمل 

نلاحظ ان سليمان عليه السلام خاطب قومه مرةً بـ(يا أيها الناس) ومرةً بـ (يا أيها الملأ) فالملأ هم من الناس وهم جنود سليمان فلو رجعنا إلى اللغة العربية لوجدنا أن 
معنى (الملأ) : الأشراف أي من القوم و وجوههم ورؤسائهم ومقدموهم الذين يُرجع إلى قولهم.
فنقول إذاً من أجاب على سؤال سليمان عليه السلام من الملأ هو عفريت من الجن.وعفريت من الجن صفة لواحد من الملأ(من علية القوم-من السادة والكبراء)

كما أننا سوف نجد ان معنى كلمة (عفريت) أو ( عفريت من الجن) في اللغة العربية:
قال الزَّجّاجُ : العِفْريتُ منَ الرِّجَال 
قال المُصَنّف في البصائر : العِفْرِيتُ من الجِنّ : العارِمُ الخَبِيثُ ويُسْتَعْمَل في الإِنسان اسْتِعَارةَ الشَّيْطَانِ له يُقَال : عِفْرِيتٌ نِفْرِيتٌ
العِفْرِيتُ: النَّافِذُ في الأَمرِ مع دهاءٍ أو الخبيث المُنكر.
العِفْرُ والعِفْريَةُ والعِفْرِيتُ والعُفَارِيَةُ : القَوِيُّ المُتَشَيْطِن.


الدليل التاسع:
حديث قدسي في (صحيح مسلم) برقم (2577) باب تحريم الظلم.
سنستقطع منه ما يخص موضوعنا عن( الجن والإنس ).

قال تعالى(ياعبادي لو اولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته مانقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ياعبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه).
إذاً يتبين لنا في قول الله تعالى( فأعطيت كل إنسان مسألته)  أي أن جميع العباد أولهم وآخرهم وإنسهم وجنهم هم  الناس وأن كل فرد منهم هو إنسان .

الدليل العاشر:
مشاهد من يوم القيامة:
في سورة إبراهيم 
قال تعالى:(وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ۚ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ ۖ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ )(٢١)إبراهيم

وفي سورة الزمر
قال تعالى:(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ(٦٨) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ(٦٩) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (٧٠) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ(٧١) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ(٧٢) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ(٧٣) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ ۖ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ(٧٤) وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ۖ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)(٧٥)الزمر


وفي سورة غافر
قال تعالى:(وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ(٤٧) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (٤٨) وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ (٤٩) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۚ قَالُوا فَادْعُوا ۗ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ)(٥٠)غافر 
لو تدبرنا الآيات السابقة من سورة إبراهيم وسورة الزمر وسورة غافر لا نجد ذكراً لـ(الجن) وحيث أنّ كلمة جن هي صفة لبعض الناس فقد وصفهم الله سبحانه وتعالى  بالذين استكبروا

للعلم والمعرفة:

كلمة جن
: تُطلق على بعض الناس كصفة وتُطلق على الكائنات الدقيقة (الميكروبات والبكتيريا...) فقد أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم الإستنجاء بالعظام لأنها طعام الجن لوجود الميكروبات والبكتيريا عليها ولما تسببه من أذى للإنسان.
والإنسان المسلم يتعوذ من الخبث والخبائث عند دخول دورات المياه لوجود هذه الكائنات الحيَّة(الجراثيم)فيها.
الشيطان: كل ماهو عدو للإنسان يسمى شيطان (كل ما يبعد الإنسان عن دينه فهو شيطان),ويُطلق على الشخص الشرير (شيطان) وهناك من الأعداء شياطين الجن والإنس ومقولة أنّ الجن يتلبسُ في الإنسان غير صحيح  ولكن البعض يصرعلى تلك المقولة ويستشهد بقول الله تعالى:(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ...الآية)(٢٧٥)البقرة.   فإذا كان الشيطان هو من الجن


 فلنسمع ما يقول الله تعالى للشيطان:
قال تعالى:(إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا)(٦٥) الاسراء
ولنسمع ماذا يقول الشيطان:
قال تعالى على لسان الشيطان:(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا  أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(٢٢)ابراهيم

وفي الختام ادعوا الله العلي القدير أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا إجتنابه
والحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم 
فاللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليّت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم  إنك حميد مجيد.


الثلاثاء، 12 فبراير 2013

آدم عليه السلام والجنة التي كان فيها



آدم عليه السلام والجنة التي كان فيها

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله                  أما بعد :

فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم


أولاً: النبي آدم عليه السلام


إن الإعتقاد السائد عند بعض عامة الناس هو أن آدم عليه السلام أول إنسان خلقه الله وأن الجنة التي كان فيها هي جنة الآخرة ، وهذا المفهوم أو الإعتقاد يعارض ما جاء في القرآن الكريم وهو فهم خاطئ سوف نُبيّن ذلك بالحجة والدليل.

إنّ آدم عليه السلام نبي من أنبياء الله وهو أول الأنبياء ، اصطفاه الله على قومه ليبشرهم وينذرهم وليبلّغ رسالة ربه كجميع الأنبياء ، فينبئه الله لينبئ الناس ، ولابد أن يكون المرسل من الله إلى الناس بلسان قومه ومن أنفسهم.

قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ۖ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)﴿٤﴾ سورة ابراهيم
قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ)﴿٩٤﴾الأعراف.
قال تعالى (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ...الآية )﴿٢١٣﴾البقرة
قال تعالى (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ...الآية)﴿٥٦﴾الكهف
قال تعالى ( وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ﴿٦﴾وَمَا يَأْتِيهِم مِّن نَّبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ )﴿٧﴾  الزحرف

فكل نبي رسول وكل رسول نبي ,وللتأكيد أيضاً على ذلك :

قال تعالى (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)﴿٢٨٥﴾ البقرة

فإذا كان النبي غير الرسول والرسول غير النبي أو حسب الإعتقاد أن بعض الانبياء لم يرسلوا  فكيف نؤمن بالرسل ولا نؤمن بالأنبياء ! كما جاء في الآية السابقة.
لقد اختار الله آدم ليكون خليفة له في الأرض نبياً مرسلاً إلى قومه .

قال تعالى ( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴿٣٣﴾ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )(٣٤﴾آل عمران

في هذه الآية يبين لنا الله عز وجل أنه اصطفى آدم على العالمين ، أي اختاره من بين قومه الموجودين في وقته ليكون أول خليفة له في الأرض ،كما اصطفى نوحاً وآل ابراهيم وآل عمران  ايضاً على أقوامهم وهم ذرية بعضها من بعض ، وهذا يدل على وجود ذرية قبل آدم عليه السلام ، هذه الذرية سماها الله في القرآن الكريم "البشر" وهي قبل مرحلة الناس ، فلابد أن نعرف أن مرحلة البشر كانت قبل مرحلة الإنسان.

قال تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ )﴿١١﴾الأعراف 
قال تعالى (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ﴿٢٨﴾فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ)﴿٢٩﴾الحجر

يتبين لنا من الآايات السابقة أن هناك خلقا قبل آدم سماهم الله بشرا ذلك الخلق كان في مراحل التطور .

قال تعالى (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)﴿٣٠﴾البقرة

قال تعالى ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ ) أي أصبح آدميا "إنساناً" مكتملاً قد وهبه الله السمع والبصر والفؤاد بعد أن كان بشراً غير مكلف بالعبادة يعيش في الكهوف ، يأكل ويشرب يفسد في الأرض ويسفك الدماء ، ثم قال تعالى ( وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي أي أوحيت إليه ، ثم قال تعالى( فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) وهنا السجود هو سجود الطاعة أي القيام بخدمة هذا الإنسان أو الآدمي ، وكلمة آدم -نحن نقول في اللغة : هذا الإنسان آدمي- أي موصوف بجميع الصفات الحسنة .
كما نلاحظ أن الخطاب في القرآن الكريم موجه للناس جميعا ولا يوجد خطاب موجه إلى البشر ، كأن نجد في القرآن :(يا أيها البشر ) وهذا يدل على أنهم كانوا غير مكلفين ولم يصلوا إلى مرحلة الإنسان.
نستطيع هنا أن نقول أن الإنسان هو بشر وأن البشر ليس إنساناً .

قال تعالى قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ )(١١٠﴾الكهف
قال تعالى (قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا  )(٩٣﴾الإسراء

كما أن هناك إعتقاد لدى بعض الناس بأن  آدم عليه السلام خلقه الله من تراب جمعه الله بقبضته من مناطق مختلفة من الأرض ثم قال له كن فيكون والعياذ بالله ، وهذا المفهوم بالطبع يناقض ماجاء في القرآن الكريم وسوف أبين ذلك بالحجة والدليل.

لو سألنا سؤالاً فقلنا هل آدم عليه السلام إنسان ؟ فالجواب لابد أن يكون نعم..
ولو قرأنا القرآن كله لوجدنا أن الله يبين لنا بأن الإنسان خلقه من نطفة والآيات كثيرة سنأتي ببعضها ..

قال تعالى (خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ)(٤﴾النحل
قال تعالى (أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى﴿٣٦﴾أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ )(٣٧﴾القيامة
قال تعالى (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا )﴿٢﴾الإنسان
قال تعالى (أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ﴿٢٠﴾ فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ)﴿٢١﴾المرسلات
قال تعالى (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ﴿٥﴾خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ )(٦﴾ الطارق
قال تعالى (قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ﴿١٧﴾مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴿١٨﴾مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ )(١٩﴾عبس
ولابد أن نعرف أن الإنسان أصله بشر ، وخُلق هذا البشر من تراب ثم من نطفة ، وقد كان بدء خلق البشر من الماء (الخلية البدائية ثم الخلية الحية)ثم التراب (الطين اللازب) فأنبته الله من الأرض ثم تطور هذا الخلق من سلالة من طين ثم بعد ذلك تكاثر عن طريق النطفة إلى أن سوّاه الله فأصبح انساناً.

قال تعالى (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا)﴿٥٤﴾الفرقان
قال تعالى (فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا ۚ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ)(١١﴾الصافات
قال تعالى (وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا)﴿١٧﴾نوح
قال تعالى (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا)(١٤﴾نوح
قال تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا...الآية)﴿٦٧﴾  غافر


كما أن هناك دليل آخر على أن النبي آدم عليه السلام لم يُخلق من التراب المادي بالمفهوم الخاطئ لدى بعض عامةالناس :

قال تعالى إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ)(٥٩﴾آل عمران

فهل كان خلق عيسى ابن مريم عليه السلام كخلق آدم عليه السلام !

قال تعالى ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ )(٨٢﴾يس
قال تعالى (مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)(٧٤﴾الحج
قال تعالى (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ )﴿٤٩﴾ القمر
قال تعالى (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا )(٢﴾الفرقان

فالتقدير في الآيات السابقه هو مايريده الله إذا شاء أن يفعله ، فإذا أراد مثلاً أن يرزق إنساناً ولداً فيقدر له ليتزوج ثم تنجب زوجته ،وهذا يأخذ فتره من الزمن ليرزقه بهذا الولد  ..
كذلك إذا أراد الله أن يرزق إنساناً علماً فيقدر له السبل وطرق التعلم ، وهذا يأخذ فترة من الزمن ، وكما نعرف إن الله قد خلق السماوات والارض في ستة أيام  ، فتلك الأيام لم تكن كأيامنا بل كانت مراحل زمنية لا يعلمها إلا الله ، وكلمة اليوم في القرآن الكريم لا تدل كلها على اليوم الذي نعرفه (24ساعه) في وقتنا الحاضر.

كما أن هناك دليل علمي يثبت أن آدم عليه السلام لم يكن أول إنسان خلقه الله ، فلو بحثنا قليلاً في كتب التاريخ وكتب علماء الآثار لعرفنا أن الزمن الذي كان يعيش فيه آدم عليه السلام هو منذ حوالي ستة آلاف سنة من الآن ،كما أن العلماء قد اكتشفو عصوراً قبل زمن آدم بآلاف السنين ، اضافة الى اكتشافهم لهياكل عظمية لبشر تعود لأكثر من مئه وخمسين ألف سنة .

قال تعالى قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(٢٠﴾العنكبوت



ثانيا : الجنة التي كان فيها النبي آدم عليه السلام


بعد أن تبين لنا أن آدم عليه السلام لم يكن أول الخلق وأنه كان نبيا مرسلا لقومه كسائر الأنبياء ، فمن المستحيل أنه كان في جنة الآخرة ..

قال تعالى (جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا )(٦١﴾ مريم

إذا كان الإعتقاد بأن آدم عليه السلام وهو عبد من عباد الله كان في جنة الآخرة عندما خُلق وقد رءآها وعاش فيها ، فكيف تكون جنة الآخرة غيبا !
كما أن من يدخله الله جنة الآخرة فإنه لا يخرج منها ..

قال تعالى (لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ )﴿٤٨﴾الحجر
قال الله تعالى في وصف الجنة (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )﴿١٧﴾ السجدة 

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في وصف الجنة : " لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطرت على قلب بشر " ، فالجنة التي كان فيها آدم عليه السلام هي جنة في الأرض.
قد يسأل البعض فيقول أن الله سبحانه وتعالى قد أمر آدم عليه السلام ومن معه بالهبوط من الجنة إلى الأرض ويستشهدون  مثلاً  ، بقول الله تعالى (اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ)(٣٦﴾البقرة

 ولنبيّن معنى الهبوط في الآية السابقة بأنه ليس ضرورياً أن يكون من أعلى إلى أسفل أو بما يعتقدون من السماء إلى الأرض.


قال تعالى (قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ...الآية)﴿٤٨﴾هود
وقال تعالى (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ...الآية)﴿٦١﴾البقرة

كما نود أن نبين أن الحياة في الآخرة لا تكون بأجسادنا المادية التي نحن عليها الآن ..

قال تعالى (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴿٦٠﴾عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ)﴿٦١﴾الواقعة 
وقال تعالى (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ)(٥٥﴾طه
وقال تعالى (قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ)(٢٥﴾الأعراف

 فإن كان آدم عليه السلام قد عاش في الجنة الآخرة فترة من الزمن بجسده المادّي فهذا يعارض ماجاء في القرآن الكريم ، إضافة إلى أن حياة الإنسان لا تكون إلا في الأرض.

والأدلة كثيرة أكتفي بهذا القدر وأحمد الله رب العالمين الذي أرسل رسوله رحمة للعالمين ..

قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )(٢٨﴾ سبأ
قال تعالى قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا...الآية)﴿١٥٨﴾الأعراف
قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )﴿٥٦﴾ الذاريات

فهل نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم قد أرسله الله للجن والإنس ؟نقول نعم ...والسؤال هنا يطرح نفسه ، هل الجن والإنس في الآية السابقة هم الناس ؟ هذا ماسنتطرق اليه في موضوعنا القادم إنشاء الله ..
وفي الختام أذكركم بآيات من القرآن الكريم :

قال تعالى (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ )(٢﴾يوسف
قال تعالى (الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ )﴿١﴾ هود
قال تعالى (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا )(٨٢﴾النساء
قال تعالى (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا )﴿٢٤﴾محمد
قال تعالى (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ )(٢٩﴾ ص
وقال تعالى (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا )(٣٠﴾الفرقان

أوصيكم ونفسي بقراءة القرآن وتدبر معانيه وأسأل الله عز وجل أن يعيننا على ذلك وأن يعلمنا منه مالم نعلم وأن يذكرنا منه مانسينا والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين ..
فاللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد ,اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد ..